تدلّ النصوص التاريخية على أنّ أوضاع عصر امحمد بن يوسف أطفيش كانت شهدت حملة استعمارية عنيفة من الاحتلال الفرنسي، الذي اتّبع استراتيجية خطيرة تقوم على التخطيط الدقيقة والممنهج للتغلغل المرحلي، قصد إحكام السيطرة الفعلية على المناطق الجزائرية وأقاليمها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
وتركّز الاعتماد في ذلك على جهود بعض المستشرقين، الذين أدّوْا دورا أساسا في تعبيد سبل الحملات العسكرية؛ إذ كانوا في طليعة كلّ حملة يكثّفون جهودهم، متسلّحين باللغة العربية التي استوعبوها وتعاملوا بها مع الأهالي بفئاتهم المختلفة ومستوياتهم العديدة.
فلقد عمد هؤلاء إلى التواصل مع تلك الفئات، وقاموا بجمع المعلومات بكلّ تفاصيلها وتقييدها في كتاباتهم، وترجمة النصوص والمؤلّفات التي تفيدهم في تكريس توجّهاتهم وتحقيق أهدافهم الاستعمارية؛ من خلال تكثيف الحملات العسكرية، وجعل نفوذ المستعمِر يتمدّد ويتسّع ليزداد هيمنة وتسلّطا.